في زحام الحياة اليومية، بين الواجبات والمسؤوليات والتوقعات الاجتماعية، يتسلل سؤال بسيط لكنه عميق: “من أنا؟” قد يبدو السؤال بديهيًا، لكن الحقيقة أن معظم الناس يعيشون عمرًا طويلًا دون أن يتوقفوا للإجابة عليه. نُعرّف أنفسنا بوظائفنا، بعلاقاتنا، بأدوارنا، لكن هذه جميعًا مجرد مظاهر خارجية. الهوية الحقيقية أعمق بكثير، وهي أساس كل سعي نحو تطوير الذات ونموها. لماذا نحتاج لاكتشاف هويتنا؟ الهوية ليست مجرد وصف لما نفعله، بل هي الجذر الذي تنبع منه قراراتنا، علاقاتنا، اختياراتنا، وحتى مشاعرنا. من لا يعرف من هو، سيسير في طريق رسمه الآخرون له، يطارد أهدافًا لا تخصه، ويعيش حيوات ليست له. “الوضوح في الهوية هو أول بوابة للسلام الداخلي.” حين نعرف من نكون، نصبح أقدر على قول “لا” لما لا يُشبهنا، و”نعم” لما يلامس حقيقتنا. نصبح أكثر اتزانًا أمام النقد، وأكثر حكمة في قراراتنا. الفرق بين ما نحن عليه وما نُتوقع أن نكونه منذ الطفولة، نُربّى على معايير خارجية: “كن متفوقًا” “أرضِ الجميع” “لا تخيّب ظن أحد” وتتراكم هذه التوقعات حتى نخلط بينها وبين ذاتنا الحقيقية. فنظن أننا نحب شيئًا لأن الآخرين يحبونه، أو أننا نسير ...